[ad_1]
تناولنا في المقال السابق من هذه السلسلة كيفية البدء في المرحلة الأولى من مراحل عمل فيلم رسوم متحركة أو ما نطلق عليه فيلم Animation وهي مرحلة التطوير Development Stage والتي تعتبر المرحلة الأهم – على المستوى الفني – في صناعة الفيلم، حيث ينتُج عنها قصّة الفيلم وأشكال أبطاله المبدئية وتصميم الأماكن التي ستدور بها الأحداث والطريقة التي سوف يتم بها عرض تلك الأحداث.
اليوم نتحدث عن مرحلة ما قبل الإنتاج Pre-Production، وهي المرحلة التي تبدأ فيها كل التخيلات والأفكار المتّفق عليها في مرحلة التطوير في التحوّل لشيء حقيقي مرئي يُمكن التحكّم به وتحريكه.
أحياناً يدمج البعض مرحلة التطوير Development في هذه المرحلة لتصبحا مرحلة واحدة، وعموماً تلك إختلافات واردة من إستوديو لآخر ومن فريق عمل لآخر، ولكن تبقى الخطوط العريضة واضحة ومتّفق عليها.
في هذه المرحلة نبدأ بتحويل كل ما سبق في مرحلة التطوير لعمل ملموس، وتبدأ التقنيات في الظهور بعض الشيء، وتنتهي تلك المرحلة حين يصبح كل شيء جاهزاً لبدء العمل في تصوير مشاهد الفيلم نفسه.
1- الصوت Vocal Tracks
وهي مرحلة تسجيل الادآء الصوتي، حيث يتم فيها إختيار القائمين على عمل الادآء الصوتي للشخصيات وتسجيل أصواتهم وإستخدامها فيما بعد عند التحريك مع مراعاة أن يكون الادآء الصوتي مناسباً للمشهد ولنمط الشخصية، وأن يتناسب التحريك فيما بعد مع هذا الآداء الصوتي. (مثلاً عند عمل الادآء الصوتي لشخصية تقفز من الفرح لا يجب أن تكون نبرة الصوت عادية أو بها القليل من الحماس، بل يجب أن تنفجر من الحماس في الواقع).
هذه المرحلة إختيارية وهناك أفلام – أغلبها قصيرة – لا يتحدث فيها الأبطال إلا فيما ندر أو ربما لا يتحدث الأبطال فيها على الإطلاق، هناك حلقات Tom and Jerry العملاقة التي نادراً ما نسمعا فيها صوتاً للأبطال، وهناك الأفلام القصيرة التي تصدرها Pixar عادة قبل كل فيلم طويل لهم والتي لا تحتوي غالباً على أي دآء صوتي للشخصيات.
في بعض الأحيان يتم عمل لقطات مبدئية للفيلم لعرضها على مؤدي الصوت لتساعده على معرفة الادآء المناسب، الأمر يختلف من مكان عمل لآخر ومن مؤدي صوت لآخر.
يمكنك أن تشاهد هذا الفيديو الممتع لعملية الآداء الصوتي من فيلم Toy Story
نصيحة: إذا كنت تريد أن تبدأ بتجربة عمل فيلم قصير لا تقم أبداً بعمل أصوات للشخصيات لأنها ستزيد بشكل كبير من تعقيد الحركة المطلوبة، لا تنس نصيحة الجزء الأول من هذه المقالة بخصوص القصّة، كن بسيطاً ولا تُعقّد الأمور.
2- النمذجة Modelling
هل تتذكرون عملية تصميم الشخصية Character Design من مرحلة التطوير، والتي إتفقنا فيها على الشكل المبدئي للشخصيات الموجودة في فيلمنا؟
حسناً، أنت الآن في المرحلة التي سوف يتحول فيها تصميمك من حبر على ورق أو مجرد رسمة على أحد برامج الرسم مثل الفوتوشوب أو حتى تمثال صلصالي منحوت (وهو ما كانت تستخدمه العديد من الإستديوهات حتى وقت قريب لمساعدة المصمّم على التخيّل) إلى شخصية ثلاثية الأبعاد قابلة للتحريك تمثّل الشكل الذي سوف يراه المشاهد في الفيلم بالفعل.
يُظهر المثال في الصورة عملية النمذجة Modeling لشخصية Carl Fredricksen (فريد زين في النسخة العربية) من فيلم Up.
يقوم فريق العمل بإستخدام أحد البرامج المتخصصة لذلك ومن أشهرها:
برنامج 3DS MAX: هو برنامج من تطوير شركة AUTODESK ويشتهر بسهولة عملية النمذجة عليه ويستخدم بكثرة في المجالات المعمارية، تستخدمه الكثير من الإستديوهات العربية في مجالات الرسوم المتحركة وهو في هذه الصدد لا يقل أبداً عن أي برنامج آخر، يمكنك الحصول على نتائج مذهلة من خلاله ولكن يرى البعض أنه ليس البرنامج الأسهل إستخداماً عندما نتحدث عن تركيب العظام الوهمية Rigging والتحريك Animation، ولكن برغم هذا فإن الدراية الكافية به تُمكّنك من الحصول على النتيجة التي تتمنّاها بالضبط.
برنامج MAYA: أيضاً من تطوير شركة AUTODESK وهو الأشهر في مجال الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، وبرغم من أن عملية النمذجة عليه يراها الكثير من المستخدمين أعقد بعد الشيء من برامج أخرى مثل 3DS MAX وصعبة نوعاً ما على المبتدئين، يتفق الكثير على أنه أقوى من 3DS MAX لكثرة الأدوات التي يوفرها لعمل العظام الوهمية Rigging والتحريك Animation. يُستخدم هذا البرنامج بشكل أكبر في الإستديوهات الأجنبية.
برنامج ZBRUSH: من تطوير Pixologic يشتهر – وبشدة – في مجال النمذجة وإضافة التفاصيل الدقيقة جداً والتي سوف تستهلك وقت ومجهود أكبر بكثير اذا تمت بإستخدام 3DS MAX أو MAYA، ولهذا يستخدمه البعض بالتوازي مع أحدهما، فمثلا يقوم الشخص بعمل النموذج المبدئي للشخصية على برنامج 3DS MAX أو MAYA ثم يقوم بإضافة التفاصيل على برنامج ZBRUSH ثم يعود مرة أخرى لبرنامج 3DS MAX أو MAYA لإستكمال بقيّة مراحل العمل.
كذلك يمكنك إستخدام أي برنامج آخر يناسبك لتصميم الشخصية بشكل ثلاثي الأبعاد على الحاسب وبنفس الشكل والوضع الموجود في التصميم ثنائي الأبعاد المرسوم ورقياً أو على الكمبيوتر (شخصية تقف مستقيمة، ترفع يديها للجانب ولا تحمل على وجهها أيّة مشاعر).
تتطلب هذه العملية بعض الوعي بأمور التشريح والتحريك على الكمبيوتر، وقد يرجع يتم الرجوع خلالها للمصمم الأصلي للشخصية (الذي قام بالرسم على الورق أو أي برنامج رسم) إذا استدعى الأمر إجراء تعديل أو أكثر على التصميم لأشياء تتعلق مثلاً بصعوبة التحريك فيما بعد أو التعقيد الشديد الذي من الممكن تجنبه بتعديلات لا تضر بالشخصية نفسها … إلخ.
3- الإكساء Texture Mapping
وهي عملية تحديد الملمس واللون لأسطح الأشياء والشخصيات المصممّة، ويقوم فيها فريق العمل – كما يتضح من إسم العملية – بإكساء الشخصية والعناصر بالألوان والصور بما يعكس ملمسها والمادة المصنّعة منها.
تُظهر الصورة المقابلة أحد أشكال عملية الإكساء، فنجد أن الدبابة رقم (1) هي عبارة عن نموذج Model مرسوم على أحد برامج الرسم 3D، ولكن بدون عمل إكساء.
أما رقم (2) فهو لنفس الدبابة ولكن بعد عملية الإكساء.
وتتم عملية الإكساء بإستخدام برامج مثل 3DS MAX أو MAYA أو أي برنامج آخر تُفضّل إستخدامه.
4- إعداد الشخصية للحركة (تركيب العظام الوهميّة) Character Setup/Rigging
وفيه يتم تركيب عظام كمبيوتريّة وهميّة للشخصية التي قمت بتصميمها بإستخدام نفس برامج الرسم ثلاثي الأبعاد 3D المذكورة سلفاً.
العظام الوهمية لا علاقة لها بالعظام الحقيقية ولا تشبهها ولا يتم وضعها بالضرورة في ذات أماكن العظام الحقيقيّة، إنما هي فقط أذرع تحكّم تُستخدم للتحريك فيما بعد.
هذه الخطوة مهمة جداً جداً وتتطلب أشخاص خبراء في هذا المجال، فهذه العملية ستكون هي المسئولة بشكل مباشر عن كفاءة وسرعة وجودة التحريك نفسه فيما بعد.
يظهر في الصورة بالأعلى مثال لعملية Rigging على نموذج Model لأنسان، العظام الوهميّة تظهر بداخل الشخصية على هيئة مجسّمات، قد يزيد عددها أو يقل حسب مدى التعقيد المطلوب في الحركة نفسها.
يتم التحريك بإستخدام تلك العظام الوهميّة، وربما تتحرك العظام كذلك بالنسبة لبعضها البعض حسب الشروط التي قمت أنت بإعطاءها للبرنامج، فعلى سبيل المثال إذا كانت الشخصية التي تعمل عليها تمثّل إنساناً وأردت أن تحرك كف يده للأعلى فلابد أن يتحرك باقي الذراع للأعلى مع كف اليد، وإذا أردت أن تُحرك الرأس لأعلى فلابد أن تنتهي الحركة عند حد معين ولا تكمل لفة كاملة 360 درجة.
تتباهي شركة Pixar مؤخراً بأنها قد قامت بعمل أعقد شخصياتها في هذا الصدد، وهي شخصية الأخطبوط (هانك) أو Hank the Octopus من فيلم Finding Dory وهو آخر إصدارات شركة Pixar في عام 2016.
حيث طُلب من فريق العمل وضع عظام وهمية للشخصية تُمكّنهم من تحريك كل تفاصيلها بل وتحريك كل مجس من مجسّات أذرعها بشكل منفصل!
5- الشكل المبدئي Layout & 3D Animatic
هل تتذكرون مرحلة السيناريو المرسوم Storyboard؟ الأمر هنا مشابه بعض الشيء، حيث يتم عمل لقطات 3D للفيلم وتكوين سيناريو مرسوم آخر ولكن ليس على الورق بل من النماذج التي تم تصميمها على الكمبيوتر Models ويتم كذلك إضافة الصوت الذي تم تسجيله في مرحلة Vocal Tracks عليها وتركيب الموسيقى إن لزم الأمر، ثم عرض تلك اللقطات بالتتابع وكأنها فيلم.
البعض يقوم بعمل 2D Animatic بعد مرحلة عمل سيناريو مرسوم Storyboard من مرحلة التطوير الأولى Development، حيث يتم تركيب الصوت والموسيقى على رسومات 2D، والبعض يقوم بكلا الأمرين، الأمر خاضع بالكامل لإختيارك وللطريقة التي تراها مناسبة.
يمكنك أن ترى الفيديو التالي الذي يتناول هذه الجزئية من فيلم Ratatouille كمثال لتفهم كلتا المرحلتين (2D و3D) بشكل أوضح:
والفائدة من هذه المرحلة هي أنها تعطيك إنطباعاً عاماً صادقاً عن عملك قبل البدء الفعلي في الخطوات الصعبة التي يصعب الرجوع منها، فلو كنت ترغب في صناعة فيلم كوميدي ربما تكشف لك هذه المرحلة أن العمل ليس كوميدياً يما يكفي، أو تكشف لك إذا كنت تسعى لعمل فيه حماس وقتال أنه ممل أكثر مما ينبغي، وبالتالي تمنحك هذه المرحلة القدرة على القيام بالتقييم وبعمل ما يلزم من تعديلات على الأصوات أو التصميمات أو اللقطات نفسها في سبيل أن يتحقق ما تريد بأكبر قدر ممكن.
الآن وقد إنتهينا من هذه المرحلة، أصبحنا الآن مستعدّين للدخول في المرحلة الثالثة، مرحلة صناعة ما سيراه الناس، مرحلة الإنتاج الفعلي!
');
var postContentAdvert1 = $('#post-content-118006-ad-1', postContent);
postscribe(postContentAdvert1, "
[ad_2]
Source link
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق