[ad_1]
ربما حلمت مثلي – عزيزي القاريء – بأن يصبح لدينا في العالم العربي القدرة على صناعة رسوم متحركة قوية مثل تلك الموجودة في العالم الغربي، ولربما أسعدك كثيراً مثلي أن ترى بعض الخطوات القويّة على هذا الطريق مثل فيلم بلال الذي يمكن إعتباره طفرة هامة جداً في هذا الصدد.
ولربما حلمت مثلي أن تصنع فيلم Animation بنفسك لترى أفكارك النور، ولتشارك وتساهم بيدك في هذا العالم الكبير المليء بالخيال والروعة.
إذا كنت ممن يرغب حقاً في عمل فيلم Animation ولا تعرف من أين تبدأ، أو إذا كنت ترغب فقط في أخذ نظرة عن قرب تتعرف فيها على آلية عمل هذه الصناعة الكبيرة والعظيمة فمرحباً بك معنا في هذه السلسلة من المقالات، والتي سوف نتحدث فيها عن خطّة العمل الرئيسية والتكنولوجيا المستخدمة لإخراج مثل هذا العمل الفني للنور، خاصة وأنه قد أصبح – منذ سنوات – يحتل مرتبة عظمى في التأثير على جميع الأعمار مما إنعكس بالإيجاب على إيراداته في دور العرض المختلفة حول العالم.
في البداية هناك قاعدة أساسيّة يجب أن نتفق عليها: أي عمل يُنتظر منه النجاح اليوم – لا سيّما على المستوى المادي – لابد وأن تحكمه قواعد محدّدة غاية في الصرامة، ولابد له من خطّة عمل زمنية يصبح فيها التأخر – وإن كان بسيطاً – إنتهاكاً. والرسوم المتحركة بأنوعها، وعلى قدر ما ترى فيها من بساطة وكوميدية وبراءة، ليست إستثناءاً أبداً من تلك القاعدة.
تماماً مثل بناء منزل ما، لابد أولاً أن تحدد إحتياجاتك من هذا المنزل بالضبط، هل هو منزل للترفيه المؤقت أم للعمل أم للسكن الدائم؟ كم طابق سوف أحتاج؟ … إلخ، ثم تبدأ بعد ذلك في تخيّل شكل المنزل وبعدها تصميمه على الورق أو على البرامج الكمبيوترية المختصّة بالأمر، ثم البدء في التنفيذ بوضع الأساس، وبعد أن تتأكد من قوّة الأساس تبدأ في بناء المنزل نفسه بطوابقه وغرفه، وأخيراً تشطيب ودهان المنزل وتجميله وعمل حديقة حوله إن لزم الأمر.
هل يمكنك بناء منزل ما بدون المرور بالخطوات السابقة بالترتيب؟ نعم، هل يمكنك بناء منزل دون أساس؟ نعم، هل سينجح هذا المنزل في تحقيق الهدف منه؟ بالطبع لا، هل سيكون هذا المنزل على نفس كفاءة المنزل الذي بُني بالتخطيط؟ بالطبع لا!
لذلك لا تتوقع – عزيزي القاريء – أن مدى النجاح الهائل والتطوّر الكبير الحادث في صناعة الأفلام الحديثة التي نطلق عليها أفلام (Animation) هو محض صدفة أو نتيجة كفاح لا تحكمه خطّة عمل متّفق عليها، ولكنه نتيجة التزاوج بين حب العمل والتخطيط المحكم المصحوب بالإلتزام التام.
في هذا المقال سوف نتناول – بإختصار شديد – المراحل الثابتة التي تتبعها الإستوديوهات العالمية في عمل أفلامها، وهي خطوات ثابتة سواء كنت تريد عمل فيلم قصير أو كنت تودّ عمل فليم كامل مثل بيكسار وديزني ودريم ووركس وغيرهم. على أمل أن نكون قد وضعنا قدمك على بداية الطريق لتحقيق ذلك الحلم.
قد تجد نفسك بعد قراءة هذه السلسلة من المقالات في حاجة لفريق عمل، وبالتالي يجب أن تحدد – إذا كنت سوف تعمل مع فريق عمل – التخصصات التي سيقوم بها كل فرد، كل حسب مهارته وقدراته، مع وجود الفرصة لأن يُبد كل فرد رأيه في أي مجال خارج مجاله إذا سمح الأمر بذلك.
بداية تنقسم مرحل عمل أي فيلم Animation إلى أربع مراحل رئيسية: مرحلة التطوير Development، ومرحلة ما قبل الإنتاج Pre-Production، ومرحلة الإنتاج Production، ومرحلة ما بعد الإنتاج Post-Production.
تقسيم العمل لمراحل يساعد في تحديد فترة العمل في كل مرحلة وبالتالي يُصبح الإنتهاء من أي مرحلة معناه عدم الحاجة للعودة إليها إلا فيما ندر، وهو ما يوفر الوقت والجهد والمال كذلك.
تلك المرحلة هي المرحلة الأصعب في صناعة الفيلم، فهي تلك المرحلة التي إن لم تعطها حقّها سيكون الفشل حليفك حتماً ولن يشفع لك ما قد تبذله بعدها من مجهود في المراحل اللاحقة. إنها تلك المرحلة التي سوف تقوم فيها ببناء قصّتك وتحديد شخصيّاتك وأبطالك والأماكن التي سوف تدور فيها أحداث القصّة.
ولك أن تعلم – عزيزي القاريء – أن شركة Pixar كانت ستموت قبل أن تبدأ بسبب هذه المرحلة! ففي أول عمل لهم (فيلم قصّة لعبة Toy Story) كانت Disney هي الممول والموزّع الرئيسي حيث لم تملك Pixar وقتها الإمكانيات اللازمة للعمل منفردة، ولكن حتى توافق Disney على العمل وتتولّى تمويله وتوزيعه كان على Pixar أن تقنعها وتغريها فقط بما لديها في هذه المرحلة، وهو بالضبط ما لم يحدث!
لم تُعجب Disney بالقصّة ولا الشخصيات ولا الجو العام، ورفضت تمويل المشروع نهائياً وأجبرت Pixar على وقف الإنتاج وأرادت أيضاً تسريح العمالة! وهو اليوم المعروف في Pixar باليوم الأسود، بعدها قامت Pixar وبصعوبة شديدة بإقناع Disney بإعطائها مهلة جديدة أخيرة لإعادة العمل بتلك المرحلة من الصفر.
وبالفعل استطاعت Pixar بعد تلك التجربة المريرة – وفي خلال ما يقرب من ثلاثة أسابيع فقط – أن تصنع القصّة التي استطاعت أن تنال رضا Disney والتي خرجت للنور بالفعل ورآها معظمنا.
مرحلة التطوير هي المرحلة الأهم، هي تلك المرحلة التي تصنع فيها فيلماً كاملاً في مخيلتك وعلى الورق، بينما تقوم في بقيّة المراحل بالسعي لجعل هذا الخيال واقعاً ملموساً تراه ويراه غيرك، آملاً في أن يصبح التنفيذ مطابقاً – قدر الإمكان – لما تخيّلته أنت منذ البداية.
تنقسم هذه المرحلة لأربع خطوات:
1- القصّة Story
إذا كنت تعمل مع فريق عمل يجب أن أحذّرك بأنك ربما تحتاج سلاحاً قوياً قبل البدء في هذه المرحلة، فما سوف يحدث غالباً هو أنك سوف تجلس مع فريق العمل للتشاجر حول القصّة!
ولأن الأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً فإننا نفضّل أن نقدم إليك بعض النصائح التي نأمل أن تساعدك وفريق العمل الخاص بك على الوصول لشكل القصّة الأمثل:
- يجب أن تحدد أولاً الجمهور الذي سوف تستهدفه بعملك (أطفال، مراهقين، بالغين، عائلة … إلخ)
- يجب كذلك أن تحدد الجوّ العام للقصّة (كوميدي، أكشن، رياضي … إلخ)
- حاول أن يكون سياق القصّة مقنع ومترابط ومنطقي.
- حاول أن تجعل قصّتك مرتبطة بحياة الجمهور الذي سوف تستهدفه.
- إسع للبساطة وابتعد قدر الإمكان عن التعقيد.
- لابد أن يكون هناك مغامرة أو تحدٍ في أحداث القصّة.
- ضع في إعتبارك أن تكون إختياراتك قابلة للتنفيذ مادياً وفنياً، فلا تفكّر في شيء قد يتعذر عمله فيصيبك الإحباط.
ربما تجد صعوبة كبيرة مع فريق عملك في التوصّل لفكرة جيّدة، وربما تحتاج للكثير من التعديلات، لا تقلق ولا تيأس، وتذكّر أن كل ما هو آتٍ سوف تتوقف سهولته على مدى إتمام هذه المرحلة بالشكل الأمثل.
الآن ليبدأ من خرج سليماً من معركة الإتفاق على القصّة ليواجه المرحلة التالية وهي مرحلة تصميم الشخصيّات!
2- تصميم الشخصية Character Design
وهي مرحلة رسم وتخيّل الشخصيات بناءاً على ما جاء بالقصّة، وهي مرحلة تخصصيّة أكثر، يعمل بها عدد من الفنّانين المتخصصين في مجال تصميم الشخصيات، وبالطبع فإن الأمر ليس سهلاً كذلك، فالقصّة الجيدة عندما تمثّلها شخصيات غير جيدة ستواجه صعوبة عظيمة في النجاح.
في الفيديو التالي يتحدث Albert Lozano من بيكسار عن إختيار أشكال شخصيات فيلم Inside Out وكيف يتم الربط بين الشخصية وبين أفعالها والمطلوب منها:
وبصفة عامّة يمكن تحديد أنواع الشخصيات كالتالي:
- شخصيات رئيسية: وهي الأبطال التي سوف تدور حولها الأحداث في القصّة.
- شخصيات ثانوية: وهي الشخصيات التي سوف تساهم في صنع الأحداث أو تغيير دفّتها، قد تكون صديق أو عدو للشخصية الرئيسية.
- شخصيات إضافية: وهي الشخصيات التي لن تساهم في القصّة بشكل أساسي ولكن وجودها ضروري، فلو كنت تريد عمل مشهد ما يدور في الشارع مثلاً فالشخصيات الإضافية في هذه الحالة هم المارّة مثلا، فلابد من تصميم المارّة بشكل يتوافق منطقياً مع البيئة المختارة، فلو كنت في بلد عربي لا تصمّمهم ببشرة بيضاء وشعر أصفر وعيون ملوّنة من فضلك!
بعد الإستقرار على أشكال الشخصيات يتم تصميمها على الورق أو أي برنامج رسم بالكمبيوتر بحيث تكون رافعة يديها للجانب ووجهها للأمام مُتخذة ذات الوضع الذي تظهر به شخصية (Ping Pong) من فيلم (Inside Out) في الصورة المقابلة، مع مراعاة ألا يعبّر الوجه المرسوم عن أي مشاعر، وربما يمكن إضافة بعض الملحوظات الهامة كذلك إن لزم الأمر، الهدف في النهاية هو تبسيط الأمر قدر الإمكان على المصمّم المسئول عن تحويل الشخصية من رسم على الورق أو الكمبيوتر لشخصية ثلاثية الأبعاد يمكن تحريكها.
3- التوجّه الفني/البيئة Art Direction
وتسمّى كذلك في بعض الأحيان Concept Art ويتم كذلك في أحيان أخرى دمج عمليّة تصميم الشخصيات بها، وبشكل عام هي مرحلة تصميم البيئة والعالم الذي تدور فيه القصّة، والأماكن ومواقع الأحداث، والعناصر المكونة لتلك البيئة والإحساس المطلوب أن يصل منها للمشاهد.
فعلى سبيل المثال، عندما بدأت Pixar العمل في فيلم Ratatouille قام بعض من فريق العمل المسئول عن مرحلة التطوير بعمل زيارة لمدينة باريس التي تدور بها أحداث القصّة، وأكل في أشهر المطاعم هناك، وقام بمقابلة الطهاة الكبار هناك بل وقام أحدهم بنفسه بطبخ أكلة Ratatouille أو بالعربية (الخلطبيطة بالصلصة) التي تدور حولها أحداث الفيلم، كل هذا كان الهدف منه هو أن يشعر الفريق المسئول بالإحساس الفعلي المرد إيصاله للمشاهد.
يمكن أن تتم هذه المرحلة بالتوازي مع مرحلة تصميم الشخصيات عن طريق تقسيم فريق العمل وبالتالي إستغلال الوقت بشكل أفضل.
الصور توضح تصميم البيئة لبعض الأماكن في فيلم Ratatouille كمثال توضيحي.
4- السيناريو المرسوم Storyboard
تماماً كما هو الأمر في القصص المصوّرة، يتم رسم السيناريو بالشكل المراد أن يظهر به في نهاية الأمر من حيث زوايا الكاميرا وتوضيح الحركات وترتيب المشاهد واللّقطات وغيرها من التفاصيل الهامّة، قد يكون الرسم مبسّط أو معقّد وواضح التفاصيل حسب الفلسفة والطريقة التي يفضّلها فريق العمل، المهم هنا هو أن يستطيع كل من يشاهد هذا السيناريو المرسوم أن يتخيل الشكل النهائي للمشهد ويعرف المعلومات اللازمة عن الإضاءة والكاميرا وربما المزيد حسب الإحتياج.
الصورة التالية هي مثال توضيحي بسيط جداً للفارق ما بين السيناريو المرسوم Storyboard والفيلم نفسه.
والصورة التالية أيضاً هي توضيح لأحد أشكال السيناريو المرسوم:
وبهذا نكون قد إنتهينا من المقالة الأولى التي تناولت مرحلة التطوير Development، وتأتي بعدها بقيّة المراحل حيث رحلة الكفاح والسعي الدؤوب لتحويل كل ما تخيلته إلى واقع تراه ويراه المشاهد ويستمتع به.
');
var postContentAdvert1 = $('#post-content-117770-ad-1', postContent);
postscribe(postContentAdvert1, "
[ad_2]
Source link
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق